الثلاثاء، 18 مارس 2008

الصدق من أ/عمرو خالد


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

الصدق صفة ملازمة للأنبياء، فهي صفة لصيقة بالنبي وكلما امتدح الله عز وجل نبيا في كتابه، وصفه بأنه صادق، صدّيق. "واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً". سورة مريم. وهكذا نرى أنها كانت صفة لصيقة بالأنبياء لدرجة تصل للكمال الذي لا يضاهيها ريبة واحدة أو يشك فيها لحظة واحدة، إذن فهي صفة أساسية في النبي.كان النبي بين أهله وعشيرته يتصف بصفة "الصادق الأمين"- قبل بعثته وبين أصحابه وأتباعه بعد البعثة هو "الصادق المصدوق".حتى أنه يوم صعد فوق جبل الصفا – بعد 3سنوات من بعثته – عندما أمر بالجهر بالدعوة: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"(سورة الحجر 94), يصعد الجبل ويقول كلاما هو أقرب لعدم التصديق حتى يختبر إلى أي مدى هم يصدقونه. يجمع القبائل كلها و ينادي فيهم: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خلف هذا جبل خيلاً تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدّقي؟ - ومن سافر للحج أو العمرة يعلم أن جبل الصفا قصير، وسهل رؤية الخيل لو كانت وراءه فعلاً – فقالوا: ما جربنا عليك كذباً قط، فقال: فإني لكم نذير بين يدّي عذاب شديد".حتى أبو لهب عندما قام ليرد عليه لم يستطع أن يقول له أنت كاذب، إنما قال له تباً لك, أجمعتنا لهذا؟ - أرأيتم الصفة راسخة عند النبي لأي مدى؟ أما بعد البعثة فهو الصادق المصدوق. يروي ابن مسعود : حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة – ويأتي العلم الحديث ليثبت هذه الحقيقة والتي كان لا يتخيلها الصحابة وقتها – ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح .. إلى آخر الحديث.هذا الكلام لم يشهده الصحابة مثلما شهدنا نحن اليوم مع التقدم والسونار الذي يحدد اليوم عمر المولود، لكن الصحابي عندما روى الحديث قال : حدثنا الصادق المصدوق وصدقوا فعلاً ما قاله النبي.إذن نحن نتحدث عن صفة الأنبياء الأصيلة واللازمة لهم وخاصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتخيل لو أنه ثبت على أحد الأنبياء أنه كذب ولو مرة هل سيصدق بعد ذلك في رسالته؟بل إن الله سبحانه وتعالى لا يعاملنا إلا صدقاً، يقول الله تبارك وتعالى: "الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً" ويقول أيضاً: "والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، وعد الله حقاً، ومن أصدق من الله قيلاً".( سورة النساء).

فضل الصدق، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الصدق يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة – وكأن الصدق طريقك للجنة مباشرة – وإن الرجل ليصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار- وكأن طريق النار من الكذب – وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً".بالله عليك ماذا تريد أن تكتب عند الله؟تخيلوا إنه من الممكن أن يكون بيننا من يكتب عند الله كذاباً ويحشر يوم القيامة بهذه الصفة، ويقرأ صحيفته كلما قلب فيها وجد نفسه منعوتا عند الله بأنه كاذب حتى أن الملائكة تعرف أن هذا كذاب.وآخر بسيط جداًَ ممكن يكون طالب أو امرأة في بيتها تتحرى الصدق وتأتي يوم القيامة وينادى عليها هكذا.(الصدق يهدي إلى البر) : اختار النبي كلمة يهدي وكأن الصدق هو الذي يأخذ بيدك إلى الجنة، وإذا كذبت فسيأخذ الكذب بك إلى النار.وانظر لكلمة (يتحرى) : أي أنك تبحث عن الدقة في صدقك فلا تترك كذيبة.

ما هي أسباب الكذب:

لماذا يكذب الناس؟

خوفك من أن تقع في مصيبة أو مشكلة (إذا أتزنقت) - وهذا هو السبب الأعم عند الناس – زوجة ظلت تشاهد التلفزيون طوال اليوم، وجاء زوجها ليسألها عن الطعام، ستصبح مشكلة ويحدث خصام بينهما مثلا إذا قالت له الحقيقة، فتضطر للكذب (الموقد فيه مشكلة مثلا، …) إذن السبب هنا هو الخروج من المأزق الحرج واعتقادي أن كلمة الكذب هذه هي التي ستنقذني من هذا الموقف. أليس هذا هو السبب الشهير الذي يقع أغلبنا في الكذب بسببه؟ طالب مثلا رسب في الامتحان ، لم يذاكر ، وينتظر أبوه النتيجة لا يستطيع أن يخبره بالحقيقة ، فيقول له أنه نجح ويفاجئ الأب بعد 4 سنوات برسوب ابنه، موظف ولم يخلص في عمله وسأله مديره عن العمل المكلف به ، فيخاف من العقاب فيضطر للكذب ..- المشكلة أنك تعتقد أن هذه الكذبة هي التي ستنجيك، لكن لو علمت أن ما فعلت سيوقعك في شرور ومشاكل أشد، وأنه سيزداد غضب من تريد إرضاؤه عليك كما سيغضب الله منك بل وسيكشف كذبك أمامه. إذن ما رأيك ؟ هل تكذب وتنقذ من موقف اللحظة ثم تكشف بعد ذلك فيكون موقفك أصعب ؟ أم تصدق وتتحمل العقاب ويعرف عنك أنك صادق؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم "تحروا الصدق وإن رأيتم الهلكة فيه ، فإن فيه النجاة" ، حديث جميل – إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم – العلماء يقولون "لو وضع الصدق على جرح لبرأ" ، لو أنك فعلت خطأ ما ومجروح منه ووضعت عليه الصدق لبرأت، وأحيانا العلاج يؤلم الجرح لكنه يشفي في النهاية.جلب المنفعة لنفسك

سبب ثاني من أسباب الكذب : جلب المنفعة لنفسك (جاه – منفعة – رياسة – مال – مكانة في المجتمع …) وهذا النوع أخبث واشد وأسوأ عند الله من النوع الأول وهذا النوع هو الذي يؤدي إلى النفاق ، لأنك ستبدأ في الغش ، وتستبيح الحرمات وتستبيح دماء ، فلا يعقل أنك لتجلب المنفعة ستكذب فقط . وهذا النوع هو الذي أهلك أبا جهل. الناس تعتقد أن أبا جهل كان يكذب النبي لأنه معتقد أنه كاذب بالفعل ، لكن الحقيقة أنه كان يعلم أنه صادق ، والدليل حادثة شهيرة في السيرة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مر على أبي جهل وصديق له يدعوهما للإسلام ، فقال له أبو جهل : أنت كاذب يا محمد ولا أصدقك ، فالنبي تركه وغادر وهو حزين ، وبعد ما غادر قال أبو جهل لصديقه : أنا أعلم أنه صادق .- ولقد رواها صديقه لأنه أسلم بعد ذلك – ولكن يمنعني أن أؤمن به أننا – أي قبيلته – وقبيلة بني عبد مناف – قبيلة سيدنا محمد – كنا فرسي رهان أي يسابقان بعضهما في النفوذ والجاه والمنافع – يقولون منا كذا ، نقول منا كذا ، نقول : ونحن منا كذا ، أي عندنا كذا ، فنقول : ونحن عندنا كذا – حتى قالوا : ونحن منا نبي ، فأنى لنا بها ؟ فلن أصدقه أمام الناس.تخيل أنه سيصبح في قعر نار جهنم لأنه كان حريص على منفعة شخصية، فإياك أن تكون من هذا النوع.لإيذاء الآخرين السبب الثالث للكذب: لإيذاء الآخرين، بسبب حقد أو غل أو حسد أنت تحقد على شخص ، فتكذب لكي تسبب له مشكلة أو ورطة ، تكره إنسان فتكذب لكن تحقر من مقامه ، فانتبه فمن الممكن أن تكذب كذبة في عرض شخص تجعل الناس تلوك في عرضه فتهوي بك في النار سبعين خريفاً . وهذا السبب عاقبته خطيرة.

أن تكذب للكذب تستلذ بالكذب وأنا أحيل هذا النوع للأحاديث النبوية التي ذكرناها في البداية . إنه شيء خطير.- سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أيكون المؤمن جباناً ؟ قال: نعم، قالوا: يا رسول الله, أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال: نعم، قالوا يا رسول الله: أيكون المؤمن كذاباً، قال: لا ". أرأيتم ؟ وكأننا ممكن نعذرك في لحظة ضعفت فيها يدك فكنت بخيلا – ولكن ليس معنى هذا أن تكون بخيلا أو جباناً – أو نعذرك في لحظة جبنت فيها نفسك، ولكن لن نعذرك إذا كذبت.فتخيل لو أنك تكذب للكذب ؟

أين عذرك ؟



هذي مقطتقات من المقآله عن الصدق للأستاذ عمرو خالد لأن المقاله طويله وحبيت انكم تستفيدون من هالموضوع,,,

ليست هناك تعليقات: